تصويبات لغوية
1- يخطيء البعض في استخدام ( كلا وكلتا ) فيقول : كلا العضوين خرجا من المركز الصوتي وكلتا الأديبتين أبدعتا .
وليس هذا بفصيح القول ؛ والصواب أن نوحد الخبر فنقول : كلا العضوين خرج ، وكلتا الأديبتين أبدعتْ؛
لأن كلا وكلتا ؛ اسمان مفعولان وضعا لتأكيد الاثنين والاثنتين ، وليستا في ذاتهما مثنيين ، فلهذا يقع الإخبار عنهما كما يخبر عن المفرد وجاء مثال هذا في القرآن الكريم لغة البيان الصحيحة (كلتا الجنتين آتت أكلها )
2- الخطأ في استخدام ( كلما ) المكررة في التعبير الواحد . حين يقول : كلما اجتهدت ، كلما ازداد حبي لك .
فكلمة كل هنا بمعنى الظرف لإضافتها إلى ( ما المصدرية الزمانية ) وهي تتعلق بالجواب بعدها فلو كررناها ، نحو ما في المثال أعلاه أمام الجملتين ، لبقيت الجملتان بدون جواب لهما . فيكون المعنى ناقصا .
والصواب أن نقول : ( كلما اجتهدت ازداد حبي لك )
3- يخطئ البعض في استخدام الفعل ( وصَّى في التركيب اللغوي ) يعطيك البريد عندما ترسل خطابا هاما برسوم أعلى ، إيصالا كُتِبَ عليه ( خطاب ، موصّى عليه ) وإذا أردت مساعدة شخص لجأ إليك للتوسط عند مديره ، تقول له : ( لقد وصّيت عليك المدير ) أو ( أوصيته عليك ) وهذا الفعل ؛ وصّى ، سواء كان رباعيا مضعفا أو رباعيا مهموزا كأوصى أو خماسيا ( تواصى ) لايستعمل معه إلا ( الباء ) وليس ( على )
استمع إلى قوله تعالى: ( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن) ، وقوله سبحانه وتعالى ذلكم وصّاكم به ) وقوله جل وعلا وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ) وقوله : ( من بعد وصية توصون بها أو دين ) وقوله تعالى وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة )
فالصواب أن يتعدى الفعل بالباء ( كما وضح القرآن الكريم )
4- يخطئ من يقول : انظرْ إنْ كان الأستاذ فلان في الفصل ، وسَلْهُ إذا كان الفصل مفتوحا للجميع . اكتب الرسالة إنْ استطعت .
وقد تبدو الصيغتان متشابهتين ، والأمر خلاف ذلك؛!!
ففي التركيب الثاني معنى الجواب للحرف ( إنْ ) الشرطية؛ فالعبارة فيها على تأويل إن استطعت فاكتب الرسالة .)
وصواب التركيب الأول : أن تبدل أداة الشرط ب ( هل ) وتقول: انظر هل هو في الفصل ؟ ، وسله هل الفصل مفتوح للجميع؟
5- يخطئ منْ يجعل اسم الجمع في استخدامه بمعنى المفرد فيقول ركبت السفين وسار بنا يشق البحر ) وهو يتوهم أنه هو والسفينة شيء واحد ؛
قياسا على ، قبيل وقبيلة؛
والصواب إنه جمع سفينة كسفن وسفائن ، أو اسم جمع واحده ( سفينة) يقول عمرو بن كلثوم في معلقته :
ملأنا البر حتى ضاق عنا = كذاك البحر نملأه سفينا
6- يخطئ من يُعَدِّي الفعل ( تردد) بحرف الجر ( على ) فيقول ترددت على الملتقى ثلاث مرات اليوم )
والصواب أن يقال : ( ترددت إلى الملتقى ثلاث مرات )
تطبيقا للغة القرآن الكريم في تعدية هذا الفعل في قوله تعالى : ( ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا ) ( إليه يرد علم الساعة )
7- يستعمل بعض الكتاب كلمة ( خصيصا ) وخصيصة ) وهذا الاستخدام لم ينقل عن العرب ، إلا فيما ندر استخدامه ؛ حيث ذكر صاحب قاموس محيط المحيط : بيتين قالهما أبوالرقمع ( كما جاء في عقد الجمان) أو (أبوالرقمق) كما قال مؤلف محيط المحيط في ( معاهد التنصيص ) أن الشاعر دُعِيَ إلى الصبوح ( الخمر ) في يوم بارد وسئل ماذا نصنع لك من الطعام ؟ وكان فقيرا ليس له كسوة تقيه قرص البرد فقال :
أصحابنا قصدوا الصبوح بسَحرةٍ= وأتي رسولهم إليَّ خصيصا
قالوا اقترح شيئا نُجِدْ لك طبخه = قلت اطبخوا لي جُبَّةً وقيمصا
والصواب أن يقال : مخصوصا أي محددا ومن خطأ الشاعر اللغوي الحشو في بيتيه بكلمة ( بسحرة ) وذلك أن الصبوح لا يكون عشية .
8- يخطئ من يجمع ( وادٍ) على وديان . لأن هذا الجمع لم يرد في المعاجم اللغوية العربية وإنما ورد : واد في قوله عز وجل: أَلم تر أَنهم في كل وادٍ يَهيمُون؛
ليس يعني أُوْدِيةَ الأَرض إِنما هو مَثَلٌ لشِعرهم وقَولِهم، كما نقول: أَنا لكَ في وادٍ وأَنت لي في وادٍ؛ يريد أَنا لك في وادٍ من النَّفْع أَي صِنف من النفع كثير وأَنت لي في مثله، والمعنى أَنهم يقولون في الذم ويكذبون فيَمدحون الرجل ويَسِمُونه بما ليس فيه، ثم استثنى عز وجل الشعراء الذين مدحوا سيدنا رسول الله،صلى الله عليه وسلم ، وردّوا هِجاءه وهِجاء المسلمين فقال: إِلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً؛
أَي لم يَشغَلْهم الشِّعر عن ذكر الله ولم يجعلوه همتهم، وإِنما ناضَلُوا عن النبي، صلى الله عليه وسلم، بأَيديهم وأَلسنتهم فهجَوْا من يستحق الهِجاء وأَحَقُّ الخَلْق به من كَذَّبَ برسوله، صلى الله عليه وسلم، وهَجاه؛
وجاء في التفسير: أَن الذي عَنَى عز وجل بذلك عبدُ الله بنُ رَواحةَ وكَعْبُ بن مالك وحَسَّانُ بن ثابت الأَنصاريون، رضي الله عنهم، والجمع أَوْداء وأَوْدِيةٌ وأَوْدايةٌ؛ قال: وأَقْطَع الأَبْحُر والأَوْدايَهْ قال ابن سيده: وفي بعض النسخ والأَوادية، قال: وهو تصحيف لأَن قبله:
أَما تَرَيْنِي رَجُلاً دِعْكايَهْ ووَدَيْتُ الأَمْرَ وَدْياً: قَرَّبْتُه.
فجمع أودية ؛ كنادٍ وأندية ، وجمع ؛ أوداء قال ابن الأَعرابي:
الوادِي يجمع أَوْداء على أَفْعالٍ مثل صاحبٍ وأَصْحابٍ، وطيء تقول أَوداهٌ على القلب؛ قال أَبو النجم: وعارَضَتْها، مِنَ الأَوْداهِ، أَوْدِيةٌ قَفْرٌ تُجَزِّعُ منها.
9- ليس بالأفصح القول : ( ورد في آخر إحصائية لموازنة الدولة أن ميزانية التعليم قد هبطت فيها ) بتعريف معنى المصدر الصريح ، مثل ما يستخدم مع الاسم الجامد عندما نريد إعطاءه معنى المصدر فنقول مثلا : ( علمت كون هذا حجرا ) أو ( علمت حجرية هذا القرار )
فلا يصح في الفصاحة أن نقول : أمضى الفريقان صك الاتفاقية على شراء اللاعب فلان .
بإعطاء المصدر الصريح ( الاتفاق ) معنى المصدر كالاسم الجامد مثل ( أولوية )
وإنما الصواب أن نقول : ورد في آخر إحصاء ، وأمضى الفريقان صك الاتفاق وقد عرفنا الطريقتين اللتين نأتي فيهما بمعنى المصدر من الاسم الجامد
أ- تقدير الكون العام مضافا إلى الاسم الجامد ( كون هذا حجرا )
ب ـ إلحاق تاء التأنيث بعد النسبة إلى الاسم الجامد
10- ومن الخطأ اللجوء إلى استعمال مصدر المجرد الثلاثي من الفعل ( غلق ) في الإقفال فنقول : ( المرجو غلق هذا الباب ) أو الموضوع وهذا وإن كان قياسا صحيحا إلا أنه معدود من اللثغة أو اللغية الردئية في العربية ،
حيث جاء المسموع عن العرب استخدام اغلق أو غَلِّق للمبالغة ، وهكذا اقفل وقفِّل ،
قال أبو الأسود الدؤلي :
ولا أقول لقِدْرِ القوم قد غَلِيَتْ = ولا أقول لباب القوم مغلوق
وجاء في سورة يوسف في القرآن الكريم : ( وغلَّقَتْ الأبواب وقالت هيت لك )
المصادر البحث اللغوي :
1- معجم الخطأ والصواب للدكتور إميل يعقوب دارالعلم للملايين ببيروت طبعة 1991
2- تذكرة الكاتب لأسعد خليل داغر المطبعة المصرية طبعة 1933
3- شموس العرفان بلغة القرآن لعباس أبوالسعود طبعة دار المعارف صفحة 45
4- قاموس محيط المحيط
5- لسان العرب لابن منظور الفراهيدي
6- مجلة الضياء ، الشيخ إبراهيم اليازجي طبعة 1988