امتدح الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على أخلاقه كلها ، ومنها خلق الحلم ، تلك الصفة التي تحلى بها نبينا عليه السلام لتكون شامة في أخلاقه، فلقد نال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - الشتائم والسِبابَ من كافة طبقات المجتمع، فقد هجاه الشعراء، وسخر منه سادة قريش ، ونال منه السفهاء بالضرب بالحجارة، وقالوا عنه ساحر ومجنون وغير ذلك من صور الأذى التي كان يتلاقها رسول الله بسعة صدر وعفو وحلم وتسامح ودعاء لمن آذاه بالمغفرة والرحمة، ولقد صدق الله إذ يقول: { وإنك لعلى خلق عظيم } (القلم:4)
1 - ما خير رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثما كان أبعد الناس منه وما انتقم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها .
2- عن أنس قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق (تركت أثر في عنقه الشريف من شدة الجبذة) رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته ثم قال يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ثم ضحك ثم أمر له بعطاء .
3 - عن أنس رضي الله تعالى عنه قال كسرت رباعية النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يوم أحد وشج فجعل الدم يسيل على وجهه وهو يمسح الدم ويقول كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى ربهم فأنزل الله تعالى ليس لك من الأمر شيء .
4 - عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال يا رسول الله إن دوسا قد عصت وأبت فادع الله عليها فاستقبل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم القبلة ورفع يديه فقال الناس هلكت دوس فقال اللهم اهد دوسا وأت بهم .
فما أحوجنا إلى الاقتداء به صلى الله عليه وسلم في هذا الخلق الكريم، والطبع النبيل، { أولئك الذين هدى اللَّه فبهداهم اقتده } (الأنعام:90).