[SIZE="24"]بسم الله الرحمن الرحيم
اليوم العالمي للغة الأم
21 فبراير 2010
[/SIZE]
[SIZE="5"]بالرغم من مرور يوم واحد على هذه المناسبة و بالرغم من عدم اهتمام أكثر الناس بهذه المناسبة و بالرغم أنها تقليد غير عربي و غير إسلامي و بالرغم من تأخرنا و تقهقرنا بالمقارنة مع عمل غيرنا في النهوض بما يحدد الهوية الوطنية لهم كما هو الشأن اليوم مع مشروع الرئيس الفرنسي الحالي بحديثه عن الهوية الفرنسية و الذي سيتبعه الكثيرون ممن هم غيورون على هويتهم خوفا عليها من الضياع أو دفاعا عنها من الغزو الإسلامي بمظاهره الاجتماعية فبالرغم من كل ذلك اسمحوا لي أن أهنئكم بما تحملون في صدوركم من حروف عربية تقرأون بها كلام الله و تخاطبون الله في عبادتكم بهذه الحروف التي لا يقبل غيرها سبحانه و تعالى .......
و بالمناسبة أيضا أنقل لكم عن غيري هذا المقال الذي لا أعرف صاحبه –جزاه الله خيرا – و لكني رأيته مناسبا لهذا الحدث و دقيقا في تحليله لهذه المناسبة فإليكموه لعلكم تستفيدون منه ....[/SIZE]
المقال :
يحتفل العالم يوم 21 فيفري/فبراير باليوم العالمي للغة الأم. ويأتي الاحتفال بهذا اليوم والأمة العربية تعيش من خلال مختلف مؤسساتها التربوية والثقافية حركية الكبرى لتعزيز مكانة اللغة العربية وتنميتها وتحديث مناهجها وتوسيع نطاق نشرها، باعتبارها مناط الشخصية العربية وقوامها.
وفي خضم هذه الحركية الكبرى على هذا الصعيد الحساس يجد الوطن العربي نفسه في موضوع "اللغة الأم" أمام تحديات كبرى في عصر تبرز فيه العولمة كظاهرة تهدد الهويات والخصوصيات والتنوع الثقافي واللغوي.
ومن خلال هذه التحديات الكبرى في عصر المعلومات الذي جعل من صناعة البشر أهم أولوياته وأرقى صناعاته، تبرز مهمة دقيقة لقادة الوطن العربي ولنخبته ولمؤسساته على كل الأصعدة، وهي الحفاظ على ثقافة هذا الوطن ولغته الأم والنهوض بها، والوقوف بكفاءة وندية في فضاءات المنافسة العالمية ثقافيا ولغويا.
ثلاثة تحديات
فاللغة العربية اليوم، ورغم أنها تأتي في المرتبة السادسة من ضمن ثمان لغات يستعملها نصف البشرية (بعد الصينية والإنجليزية والهندية والإسبانية والروسية وقبل الفرنسية)، تجد نفسها محاصرة داخل الوطن العربي نفسه ببعض اللغات الأجنبية التي ينقل من خلالها العلم والتقانة وجانب من مواد التدريس وبها تتكلم وسائط الإعلام بمعناها الواسع وتقنيات التواصل بمختلف أنواعها وأشكالها. ويكفي هنا أن نذكر أن اللغة العربية لا تمثل في شبكة الأنترنت إلا 4،0% من مجموع اللغات الحاضرة على هذه الشبكة مقابل 47% للإنجليزية و9% للصينية و8% لليابانية و6% للألمانية و4% لكل من الإسبانية والفرنسية و3% للإيطالية و2% للبرتغالية والروسية، مما يعني أن لغة الضاد شبه غانبة عن هذا العالم الفسيح الذي يمثله الأنترنت.
وعلى صعيد أخر، يبدو استيعاب اللغة العربية لمستحدثات العلم والتقانة والفكر والأدب في عصرنا قليلا جدا من خلال ما تظهره حركة الترجمة إلى العربية من آثار علمية وأدبية وفكرية أجنبية. فبالاستناد إلى مؤشر يوفقضرخعنفخمV لليونسكو، والذي يعتبر مرجعا لإحصاءات الترجمة، نجد أن 6881 كتابا فقط ترجمت إلى العربية منذ 1970 وحتى نهاية القرن الماضي، وهو رقم يعادل الكتب المترجمة إلى الليتوانية في القترة نفسها، والحال أن الوطن العربي يضم 225 مليونا من الناطقين بالعربية، بينما لا يتجاوز عدد الناطقين بالليتوانية، أربعة ملايين. هذا وتحتل اللغة العربية المرتبة 27 من حيث عدد الكتب المترجمة، وذلك بعد اليونانية الحديثة مباشرة (12 مليونا فقط يتحدثون بهذه اللغة) والاستونية (1.1 مليون فقط)، علما أن الوطن العربي يمثل ما يقارب 5% من سكان العالم ويحتل 10% من مساحة الكرة الأرضية.
ويمثل تطوير تدريس اللغة العربية ثالث التحديات التي يتعيّن على الوطن العربي مجابهتها. فالشكوى من تدني مستوى الطلاب في اللغة العربية ومن عزوف جانب من الشباب عن إيلائها الأولوية في اهتماماتهم الدراسية، فضلا عن ضرورة إعادة النظر في مناهجها وطرائق تدريسها وربطها بالتقنيات الجديدة في مجال الاتصال والمعلومات وتأهيل مدرسي هذه اللغة، يضع مادة اللغة العربية ضمن أولويات مراجعة النظم التربوية في الوطن العربي، باعتبار الدور الذي تنهض به العربية في تعزيز الهوية وتثبيت الشعور بالانتماء وسط تهديد العولمة الثقافية المنوحشة للهويات والخصوصيات الثقافية، بما في ذلك اللغة الأم.
الألكسو واللغة العربية
وهذا الواقع الذي تعيشه اللغة العربية، سواء في مجال الإعلام والاتصال أو على مستوي التعريب أو في نطاق النظم التربوية يقتضي بدون شك مضاعفة الجهد من أجل تنمية اللغة الأم واعتبارها بصورة عملية أحد ضمانات للأمن الثقافي العربي. وهذا الجهد يحتاج، فضلا عن الجهود المبذولة في كل قطر عربي، عملا جماعيا على الصعيد العربي، لعل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) تكون من أبرز أدواته. وهي التي أنشئت لتكون الأداة القومية لتحقيق أهداف ميثاق الوحدة الثقافية العربية.
وانطلاقا من هذا الدور المناط للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تحظى اللغة العربية، باعتبارها محط الهوية وأداة التواصل بين أبناء الوطن العربي الكبير، بأولوية مطلقة في خطط المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وبرامجها، بل هي خيار استراتيجي من الخيارات الكبرى للمنظمة، كما أكدت ذلك مؤخرا "خطة العمل المستقبلي للمنظمة" (2005-2010).
فعلى مستوى تدريس هذه اللغة تعددت من جانب المنظمة محاولات تطوير مناهج تعليم اللغة العربية وتعصير طرائق ووسائل تدريسها والارتقاء بمستوى معلميها. فقد سبق للمنظمة في الثمانينات اقتراح مناهج مرجعية لتطوير تدريس اللغة العربية، وهي الآن، وبعد مضي عشرين سنة، تعيد الكرّة من خلال برنامج للارتقاء باللغة العربية كانت من ثماره الأولى دراسة علمية وافية عن "واقع تعليم اللغة العربية في المرحلة الابتدائية بالوطن العربي" صدرت عام 2004 وفيها صورة موضوعية عن الواقع ومقترحات تطويره.
كما أسهمت المنظمة خلال عقدي الثمانينات والتسعينات في تطوير تعليم اللغة العربية من خلال وضع "الرصيد اللغوي للطفل العربي" للمرحلتين الابتدائية والإعدادية وإعداد الكتب المرجعية وأشرطة الفيديو في قواعد اللغة لمختلف مراحل التعليم.
وسعيا على هذا الدرب تعد المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم لتنفيذ مشروع كبير تقدمت به المملكة العربية السعودية إلى المؤتمر العام الأخير للمنظمة (تونس : ديسمبر 2004) بتطلع إلى تحسين مستوى تعليم اللغة العربية في جميع مراحل التعليم، على أن يتم التعاون في إنجازه بين المنظمة ومكتب التربية العربية لدول الخليج. ويهدف المشروع إلى تطوير تعليم اللغة العربية وتعلمها من خلال إطار مرجعي يشتمل على استراتيجيات وآليات عملية وعلمية وكتب ومواد تعليمية حديثة. وتتمثل المرحلة الأولى لتنفيذ المشروع في وضع استراتيجيتين تهم الأولى بناء المناهج، والثانية إعداد معلمي اللغة العربية ورفع كفاءاتهم. وقد أصبح هذا المشروع، بعد الموافقة عليه من المؤتمر العام للمنظمة، من المشروعات القومية الكبرى للمنظمة، كما تقرر، من ناحية أخرى، أن يكون موضوع تحسين مستوى اللغة العربية أحد محاور المؤتمر الخامس لوزراء التربية والتعليم المقرر عقده عام 2006.
وبالتوازي مع هذا العمل التطويري لتدريس اللغة العربية تعمل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم على نشر لغة الضاد خارج حدود الوطن العربي، وذلك من خلال إعداد معلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها في معهد الخرطوم الدولي للغة العربية التابع للمنظمة، وكذلك من خلال ما تضعه من كتب وأدوات تعليمية حديثة لتدريس اللغة العربية للأجانب ولأبناء الجاليات العربية بالخارج وللدول العربية ذات الأوضاع الثقافية الخاصة. ويذكر في هذا الصدد بالخصوص "الكتاب المرجع في تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها" بأجزائه الثلاثة وملحقاته من شرائط سمعية ومعجم متعدد اللغات، في انتظار إصداره مستقبلا على أقراص مدمجة.
التعريب أولوية أخرى
ويقترن بالنهوض باللغة العربية موضوع التعريب، وهو يحظى بالأولوية كذلك في برامج المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. ونشاطاتها. وفي هذا السياق تسهم المنظمة إسهاما جادا في حركة تعريب المصطلح العلمي والتقني، بفضل جهود مكتب تنسيق التعريب بالرباط الذي يصدر سلسلة من المعاجم ثلاثية اللغات تضم المصطلحات العربية الموحدة في كثير من العلوم الصحيحة والإنسانية وفي عدد من مجالات التكنولوجيا. وقد بلي عدد المعاجم الصادرة إلى اليوم حوالي ثلاثين معجما يتم تطويرها بانتظام لتواكب تطور المصطلحات العلمية والتقانية.
وفي نطاق التعريب كذلك، تولي المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم اهتماما خاصا لمرحلة التعليم العالي، وذلك عن طريق المركز العربي والترجمة والتأليف والنشر بدمشق، ومن مشمولاته عقد مؤتمر دوري عن تعريب التعليم العالي في الوطن العربي، بهدف متابعة السياسات العربية في هذا المجال ومؤازرتها. كما يسهر المركز على تعريب أمهات الكتب الجامعية في مختلف فروع العلم والتكنولوجيا، لتوفير المرجع العربي للطالب والأستاذ معا. وقد تجاوز رصيد المركز من الكتب المعربة المائة كتاب وهو يعمل بالتعاون مع هيئات علمية عربية متخصصة لرفع هذا الرصيد وتوسيع مجالات التخصص التي يغطيها.
وتتكامل هذه الجهود التي بذلتها وتبذلها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في مجال تطوير استعمال اللغة العربية وتدريسها مع جهود هيئات عربية أخرى، مثل مجامع اللغة العربية والمنظمة العربية للترجمة ومختلف الجامعات العربية التي لها محاولات في مجال التعريب، لكن الحاجة مازالت ماسة إلى مزيد من التنسيق وتضافر الأعمال والنشاطات بين كل هذه الجهات حتى تحافظ اللغة العربية على المكان الذي يليق بحضارتها وبوزنها البشري بين لغات العالم الناقلة للعلم والمعرفة، ولعل هذا يكون من أفضل العبر التي يمكن الخروج بها من هذا الاحتفال العالمي بيوم اللغة الأم. ...
و أنا أقول لصاحب المقال : أرجو ألا يبقى هذا كلاما و مشروعا فقط فالنهوض باللغة العربية قبل أن نعمل من أجله في إطار المنظمات الرسمية -التي قد لا يسمع بعضنا حتى عن اسمها فما بالك بعملها و نشاطها- فيجب علينا أن ننهض بها في قلوبنا و عقولنا و بيوتنا و مدارسنا و شوارعنا و إعلامنا و الله ولي التوفيق لكل من خلصت نيته و عزت نفسه و قويت إرادته.....