مصطفى بن الحاج مشرف قسم
عدد الرسائل : 1284 العمر : 60 نقاط : 3594 تاريخ التسجيل : 26/09/2008
| موضوع: مقدمة حول المذاهب الأدبية في الغرب / الإثنين فبراير 22 2010, 11:42 | |
| المذاهب الأدبية في الغرب مقدمة إعداد: الوسائط الثقافية للنشر الإلكتروني
يشكل موضوع (المذاهب الأدبيّة) قاعدة أساسية لا غنى لأي مثقفٍ عنها، وهي تاريخٌ جوهري لأهم العطاءات الإنسانيّة الحضاريّة، ولا بد لكل مشتغل في الأدب أن يكون ملماً بمذاهبه وتطوّراته والعوامل المؤثرة فيه ومزايا كل مذهبٍ أو مرحلة، ومسوّغات نشوئها وتغيّرها..
أما المذاهب الأدبيّة الغربية فلم تعد مقتصرة على آداب الغرب بقدر ما أضحت معطياتها مائدة عالميّة مشتركة، فأدب كل أمة ما هو إلا نتاج إنساني ولا بد له أن يتفاعل ويتواصل ويؤثر ويتأثر بآداب الأمم الأخرى، والأدب العربي أدب أمة هي من أقرب أمم العالم إلى أوربا، بحكم موقعها الجغرافي وعلاقاتها التاريخية والاقتصادية والثقافية، فلا ريب في أنها تشاركها التفاعل الأدبي أخذاً وعطاءً. وأن ما يجري هنا، أو هناك، سرعان ما تسري أصداؤه إلى الطرف الآخر، واطلع أدباؤنا ومفكرونا على الآداب الغربية ومذاهبها وما كتب فيها من الدراسات سواء من خلال الاتصال المباشر أو من خلال الترجمة والتأليف، ولا تزال تدرّس في جامعاتنا ومعاهدنا ومدارسنا المذاهب الأدبية الغربيّة، ولا نزال نوالي فيها التأليف والترجمة لتكون لنا عوناً على تفقه الآداب وضَوْءاً يكشف كثيراً من خصائص أدبنا الحديث والمعاصر والتيارات التي تجري ضمنه وتعمل فيه، فمما لا شك فيه أننا تأثرنا بالآداب الغربية تأثراً كبيراً دون إغفالنا معطياتِ أصالتنا التراثيّة المستمرّة.
• مصطلح المذهب الأدبي: المذهب الأدبيّ مجموعة من المبادئ الجمالية والفكريّة والأخلاقية تشكّل في مجموعها لدى شعب من الشعوب، أو لدى مجموعةٍ من الشعوب في فترة معيّنة من الزمان، تيّاراً يصبغ النتاج الأدبيّ والفنيّ بصبغة غالبة تميّز ذلك النتاج عما قبله وما بعده في سياق التطوّر. ويشمل المذهبُ كلّ أنواع الإبداع الفنيّ كالأدب والرسم والزخرفة والطرز المعماريّة فهو حصيلة فلسفيّة تبلور نظرة الأمة حول طرائق تعبيرها الفنيّة.
• نشأة المذهب الأدبي: لا يجري الإنتاج الأدبي والفنيّ بمعزلٍ عن المجتمع والبيئة، والمبدع محكومٌ، إلى حدٍ بعيد، بمحيطه الذي يعيش فيه، ويكوّن جزءاً منه يبادله التفاعل أخذاً وعطاءً، وتأثّراً وتأثيراً، فهو يتأثر بالبيئة الطبيعة التي تحيط به كالجبال والبحار والأنهار والصحارى، هذه البيئة التي يستدعي اختلافها اختلافاً ضرورياً في الواقع البشريّ من حيث التكوين الجسديّ والطباع وضروب المعيشة والرؤى الفكرية والفنيّة، واللغة وضروب التعبير، ومن جهة أخرى فالمبدع محكوم أيضاً بالبيئة البشرية بكل ما تعنيه من السكون أو الاصطخاب، والتجانس أو التشعّب، والتنوع والتقلّب. ومن هنا انطلق المذهب التاريخي النقدي الذي عُني بدراسة البيئة ومدى تأثيرها في الآداب والفنون وتأثرها بها ودلالة هذه الإبداعات على ملامح البيئة وتصويرها لتياراتها الخفيّة والظاهرة وإرهاصاتها المستقبليّة، ومن هذا التأثير البيئي العام يتكوّن عفوياً، على صعيدي الممارسة والإنتاج (مذهب) لا تتضح معالمه أول الأمر، بل يحتاج إلى مرور عشرات السنين حتى يأتي الدارسون والنقاد الذين يتأملون تلك الظاهرة وأسبابها وتجلياتها وتطورها ثم يخلصون إلى استخلاص قواعدها وفلسفتها وتحديد معالمها وأعلامها ومصطلحاتها وظروفها المكانية والزمانية، فإذا نحن أمام مدرسة نقدية كاملة تنشأ حول هذا المذهب أو ذاك.
فالمذهب الأدبي إذاً تكوّنٌ جماعيّ لا يقتصر على فردٍ بعينه بل يشمل عدداً كبيراً من المبدعين جمعت بينهم ذوقيّة واحدة وأمزجة متشابهة لوقوعهم تحت تأثير مناخ بيئي عامٍ، والمذهب لا يأتي فجأة فينسخ ما قبله، ولا يزول فجأة أمام موجة مذهبية جديدة، بل يتكون تدريجياً حيث تتعايش آثار المدرسة السابقة والمدرسة الراهنة، ثم تزول الآثار القديمة رويداً رويداً، ثم لا يلبث المذهب أن يتلاشى تدريجياً أمام مدرسة لاحقة، وتتزامن آثار المدرستين لدى كاتب بعينه، في بعض الأحيان، أو لدى عددٍ من الكتاب والمبدعين في فترة واحدة. وقد يكون للمذهب بعد انطوائه عودة بملامح جديدة، بل قد توجد في وقت واحد ملامحُ لمدارسَ عديدة، كما هو الأمر في الأدب العربي الحديث حيث تشاهدُ معاً اتجاهات المدارس التقليدية والإبداعية والرمزية والواقعية، وذلك لاختلاف الشروط الخاصة التي يخضع لها كلٌ من الأدباء والمبدعين كتنوع الظروف والثقافات والمستوى الحضاري والتفاعل مع التيارات الجديدة أو الغربية، وسرعة تطوّر الأديب أو تباطؤه في الاستجابة والتلاؤم واختلاف المواهب والمزايا الفردية.
وفي المقالات القادمة سنتناول معاً المذاهب الأدبية الغربية وسنتعرف أسباب نشوء كل مذهب وارتباطه بالمذاهب التي سبقته، وأهم أعلامه، ثم نحيط بأسباب تلاشي المذهب وتمهيده لمذهب جديد، مع إبداء وجهة النظر الإسلامية حول المذهب، وستكون محطتنا الأولى مع المذهب الكلاسيكي من حيث جذوره وبزوغه ومدارسه وأعلامه والعصر الذهبي له، وخصائصه، ووجهة النظر الإسلامية حوله، آملين من الله - عز وجل - أن نجد في هذه المقالات ما يغني ثقافتنا ويزيدنا دفعاً في سبيل المعرفة الأدبيّة، التي تعزز وعينا لطبيعة الأدب وآفاقه.
| |
|
admin المـديـر العـــام
عدد الرسائل : 5117 العمر : 57 نقاط : 12013 تاريخ التسجيل : 03/08/2008
| موضوع: رد: مقدمة حول المذاهب الأدبية في الغرب / الإثنين فبراير 22 2010, 19:49 | |
| | |
|